روحانيات الصوم لقداسه البابا شنوده الثالث

مادام الصوم فترة روحية مقدسة، يهدف فيه الصائم إلي نموه الروحي،

أذن يليق أن يضع أمامه بعض التداريب روحية، لكي يحول بها هذه الرغبات
الروحية إلي حياة عملية. فما هي هذه التداريب؟

تختلف التداريب الروحية من شخص إلي أخر.

وذلك بحسب احتياج كل إنسان. سواء كانت هذه التداريب
تشمل مقاومة نقط ضعف معينه
في حياة الصائم، أو تشمل فضائل معينة تنقصه،
أو اشتياقات روحية تجول في قلبه.

وهكذا تختلف في الشخص الواحد حسب احتياجه.

فما يحتاج إليه إنسان في وقت، غير ما يحتاجه في وقت آخر
وذلك حسب حروبه من جهة، وحسب درجة نموه من
جهة أخري. المهم أن توجد التداريب
، حتى يشعر الصائم أنه يضع هدفا خاصاً أمامه
أثناء الصوم يحاسب نفسه عليه،
ويتابع تنفيذه، وحتي بنتيجة واضحة من صومه


بالإضافة إلي الفضائل العامة للصوم.

وما سنتحدث عنه الآن، هو مجرد أمثلة.

وليضع كل إنسان ما يناسبه من تداريب أثناء صومه.
وليكن ذلك تحت إشراف أب اعترافه بقدر الإمكان.









تداريب وقت الصوم خاصة بالصوم



والغرض منها ان يكون الصوم
سليماً، نامياً في نوعيته.

ومنها تداريب خاصة بضبط النفس:

وقد تشمل منع الصائم لنفسه من أكل أصناف معينة يشتهيها.
سواء كلن ذلك منعاً كلياً طوال فترة الصوم، أو منعاً جزئياً
خلال فترة محددة أو يوم معين. أو كان ذلك المنع عن طريق
الإقلال من الكمية، أو عدم طلب صنف معين بالذات.
وقد تشمل تداريب ضبط النفس: فترة الإنقطاع وتحديدها
و النمو فيها. والبعض يلجأ إلي نظام التدريج حتى خلال
الصوم الواحد. فالصوم الكبير يشمل ثمانية أسابيع، قد يتدرج
الصائم أثناءها في درجة نسكه وانقطاعه عن الطعام. ويشمل
ضبط النفس يوم الرفاع، يوم العيد أيضاً، فلا يكون الأكل فيهما
علي مستوي التسيب بلا ضابط. كذلك ضبط
النفس يشمل أيضاً عنصر الجوع.

وقد يكون التداريب خاصة بالفضائل المصاحبة للصوم.

وبهذا تشمل النواحي الروحية في الصوم كضبط النفس
عموماً خارج نطاق الأكل، والسيطرة علي الجسد عموماً،
والامتناع عن كل شهواته الجسدية، وكل الترفيهات
الخاصة بالحواس. وتداريب السهر،
وتدريب البعد عن الكماليات.
وكذلك التداريب الخاصة بما في الصوم
تذلل وانسحاق أمام الله، وما فيه
أيضاً من زهد، يتسع نطاقه بالتدريج.



تداريب الصوم الخاصة بالتوبة

لأن الصوم هو بلا شك فترة توبة.
وتداريب التوبة كثيرة نذكر منها:

التركيز علي نقطة الضعف أو الخطية المحبوبة.

وكل إنسان يعرف تماماً ما هي الخطية التي يضعف أمامها، ويتكرر
سقوطه فيها، وتتكرر في غالبية اعترافاته. فليتخذ هذه الخطايا مجالاً
للتداريب علي تركها أثناء الصوم. وهكذا يكون صوماً مقدساً حقاً.

وقد يتدرب الصائم علي ترك عادة ما.

مثل مدمن التدخين الذي يتدرب في الصوم
علي ترك التدخين. أو المدمن مشروباً معيناً، أصبح عادة
مسيطرة لا يستطيع تركها، كمن يدمن شرب الشاي و القهوة مثلاً
. أو الذي يصبح التفرج علي التلفزيون عادة عنده تضيع وقته
وتؤثر علي قيامه بمسؤلياته. كل ذلك وأمثاله تكون
فترة الصوم تدريباً علي تركه.
و قد يتدرب علي تركه خطية كالغضب أو الإدانة.

وهي من الخطايا المشهورة التي يقع فيها كثيرون.
وربما تشمل التداريب مجموعة من خطايا اللسان تعود
الإنسان السقوط فيها، فيدرب نفسه في
الصوم علي التخلص منها واحدة فواحدة.

وما أسهل أن يضع أمامه آيات خاصة بالخطية.

فمثلاً يذكر نفسه كلما وقع في خطية النرفزة يقول الكتاب
" لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله "(يع 1:2)
. ويكرر هذه الآية بكثرة كل يوم، وبخاصة في المواقف
التي يحاربه الغضب فيها. ويبكت نفسه
قائلاً ماذا أستفيد من صومي،
إن أن كنت فيه أغضب ولا أصنع بر الله؟!
أو أن كان واقعاً في أية خطية من خطايا اللسان،
يضع أمامه قول الكتاب " كل كلمة بطالة يتكلم
بها الناس، سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين
" (مت 12: 36)

ويقول لنفسه في عتاب: ماذا أستفيد إن صمت صوماً فيه
كل ضبط النفس، ثم لم أضبط لساني وقلت لأخي يا أحمق،
وأصبحت بذلك مستحقاً لنار جهنم (مت 5: 22).

وكلما تجوع وتشتهي الأكل، بكت نفسك.

وقل لها: حينما تتركن هذه الخطية، سوف أسمح لك بالأكل.
هوذا الكتاب يقول " إن الذي لا يعمل لا يأكل " (2تس 3:10)
. وأنت لم تعملي عمل التوبة اللائق بالصوم، أو اللائق بقلب
هو مسكن الله. وبخ نفسك وقل لها: ما فائدة امتناعي عن الأكل،
أن كنت لم أمتنع بعد عن هذه الخطية التي
تفصلني عن الله، ولا تنفعني صومي كله.

خذ نقطة الضعف التي فيك، واجعلها
موضوع صلواتك وجهادك خلال هذا الصوم.

ركز عليها التركيز كله، من جهة الحرص و التدقيق
، ومن جهة مقاومة هذه الخطية. واسكب نفسك أمام
الله، وقل له: نجني يارب من هذه الخطية. أنا معترف بأنني
ضعيف في هذه النقطة بالذات، ولن أنتصر
عليها بدون معونة منك أنت
. إرحم يارب ضعفي وعجزي. لأ أريد أن
أنتهي من هذا الصوم،
قبل أنت تنتهي هذه الخطية من حياتي.
أجمع آيات الكتاب الخاصة
وضعها أمامك، لتتلوها باستمرار. لتكن فترة الصوم
هذه هي فترة صراع لك مع الله، لتنال
منه قوة تنتصر بها علي خطاياك.
درب نفسك خلال الصوم
علي هذا الصراع. وقل: مادام
الصوم يخرج الشياطين حسب
قول الرب، فليته يخرج مني خطاياي مادام
هو مع الصلاة يخرج الشياطين
المصدر: منتدى يسوعنا فوق الزمان