منتدى الشهيد باجوش(صاحب بأس)
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم لايمكنك رؤية محتوى الموقع الا بعد التسجيل إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بتشريفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى،


منتدى الشهيد باجوش(صاحب بأس)
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم لايمكنك رؤية محتوى الموقع الا بعد التسجيل إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بتشريفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى،

منتدى الشهيد باجوش(صاحب بأس)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشهيد باجوش(صاحب بأس) دخول

منتدى دينى ثقافى مسيحى

آدم و حواء و قايين و هابيل Images?q=tbn:ANd9GcSkBvtMl0kToUTANr05I5vX2XztYjg_xI2Oks5fEltfUWYsEG2eEw
وَكَحَزَانَى مَعَ أَنَّنَا دَائِمًا فَرِحُونَ! وَكَفُقَرَاءَ مَعَ أَنَّنَا نُغْنِي الْكَثِيرِينَ! وَكَأَنَّ لا شَيْءَ لَنَا مَعَ أَنَّنَا نَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ! (2كور10:6)

descriptionآدم و حواء و قايين و هابيل Emptyآدم و حواء و قايين و هابيل

more_horiz




* قدم لنا الكتاب المقدس ألواناً متنوعة من " أناس الله القديسين " :
إنها صور متعدده من قديسين ، كل منهم له طابعة الخاص ، يختلفون فى العمر والجنس والوظيفة والحياة الإجتماعية والأسلوب الروحى 0
وذلك لكى نتعلم أن القداسة ملك للكل ، وليست وقفاً على فئة معينة من الناس دون غيرها 00
فلم يقدم لنا الكتاب حياة القداسة أو حياة الكمال ، قاصرة على الأنبياء والرسل مثلاً ، أو على الكهنة ورؤساء الكهنة ، أو على صانعى العجائب والمعجزات ، إنما هى للكل ، وهى بإمكان كل أحد
* قدم لنا الكتاب المقدس فى مراحل متفاوتة من العمر :
منهم الأطفال مثل صموئيل ، ومنهم الصبيان مثل داود وأرمياء 0 ومنهم الشباب مثل يوسف الصديق ، ويوناثان ، و مارمرقس ويوحنا الحبيب 0 منهم الرجال الناضجون مثل موسى وبطرس ، ومنهم الشيوخ مثل نوح وأخنوخ وإبراهيم 00 وسمعان الشيخ
* قدم لنا رجالاً ككل هؤلاء 0 كما قدم لنا نسوة قديسات 00 مثل مريم العذراء ، وحنة النبية ، وسارة ، وراعوث ، إستير ، واليصابات ، ومريم أخت لعازر 00 وغيرهن كثيرات 0
*وكما قدم لنا قديسين متفاوتين فى العمر ، قدم لنا أيضاً قديسين متفاوتين فى المركز الإجتماعى ، وفى الغنى والفقر : فالمسألة أولاً وأخيراً مسألة قلب مستعد لعمل النعمة فيه ، أياً كان مركزه أو وضعه المالى أووظيفته المالى أووظيفته فى المجتمع 0
وهكذا قدم لنا الكتاب قديسين أغنياء جداً مثل أيوب الصديق ، وأبينا إبراهيم ، ويوسف الرامى 0 كما قدم لنا فقراء مثل الأرملة التى دفعت من أعوازها فلسين فى الصندوق ، ومثل أرملة صرفة صيدا التى إستضافت إيليا النبى ، ومثل لعازر المسكين الذى كان يستعطى ، وكانت الكلاب تلحس قروحه0
قدم لنا الكتاب رعاة غنم مثل داود وإسحق ويعقوب ، وصيادى سمك مثل بطرس وإندراوس وعشارين مثل متى وزكا ، وملوكاً مثل داود ويوشيا ، ووزراء مثل دانيال ويوسف ، وأسرى حرب مثل الثلاثة فتية ، وأبطالاً مثل شمشون ، وقضاة مثل جدعون ، وطبيباً مثل لوقا ، وكاتباً مثل عزرا ، وخادماً مثل لعازر الدمشقى 00
* قدم لنا الكتاب أيضاً قديسين متفاوتين فى تقافتهم وعلمهم :
فبينما نرى موسى الذى " تهذب بكل حكمة المصريين " ، وبولس الذى كان من علماء عصره ، وسليمان الذى كان الحكم أهل الأرض فى زمانه ، نرى أيضاً جهال العالم الذين إختارهم الله ليخزى بهم الحكماء 00
* كذلك قدم لنا الكتاب أمثلة متفاوتة فى البتولية والزواج والترمل ، وكلها كانت حياة مقدسة طاهرة أحبها الرب 00
قدم لنا بتوليين قديسين مثل إيليا واليشع ويوحنا المعمدان و يوحنا الحبيب ، ومتزوجين قديسين مثل نوح البار ، وبطرس الرسول ، وأخنوخ أبى الآباء الذى رفعه الله إليه 00 كما قدم لنا من عاشوا حياة مقدسة فى الترمل مثل حنة النبية ، ومن تزوجوا بعد ترملهم مثل راعوث ، ومن تزوجوا بأكثر من واحدة مثل إبراهيم وموسى وداود 00
وعلى جبل التجلى ، ظهر السيد المسيح ، محاطاً بإيليا البتول ، وبموسى المتزوج ، والكل يحيط بهم نور عجيب 0 وحول الصليب ، كانت مريم العذراء ويوحنا البتول ، ومريم زوجة كلوبا التى أتجبت عدداً كبيراً من البنين والبنات 00
* قدم لنا الكتاب من عاشوا حياة مقدسة منذ البدء ، ومن جاءوا إلى الرب أخيراً ، ورحمهم الله وقبلهم إليه :
قدم لنا قديسين من بطون أمهاتهم ، مثل يوحنا المعمدان الذى من بطن أمه إمتلأ من الروح القدس 0 كما قدم لنا قديسين وقديسات عاشوا فى عمق الخطية قبل لقائهم بالرب مثل اللص اليمين ، والمرأة التى بللت قدمى الرب بدموعها ، ومثل راحاب الزانية ، وقدم لنا الكتاب أشخاصاً عاشوا من قبل بعيدين عن الله ، مثل مريم المجدلية التى أخرج منها الرب سبعة شياطين ، المرأة الكنعانية التى كانت من شعب ملعون أممى 00
وقدم لنا قديسين من مضطهدى الكنيسة ، مثل شاول الطرسوسى ، ومثل الجندى الذى طعن المسيح بالحربة0
* قدم لنا الكتاب المقدس شخصيات تحمل ألوانا من الروحيات ، متنوعة ، ومتغايرة ولكننا نراها كلها متكاملة :
قدم لنا إيليا الشديد النارى ، الذى أغلق السماء ثلاث سنين وستة أشهر فلم تمطر ، والذى قتل المئات من أنبياء البعل وأنبياء السوارى ، وانتهر آخاب الملك ، وقال لتنزل نار من السماء سكب دموعه ومراثيه 0
وأرنا الكتاب كيف أن الله عمل فى الشخصية النارية ، كما عمل فى الشخصية الباكية 0 وإستخدم الإثنتين فى بناء ملكوته0 فليس المهم هو نوعية الشخص ، إنما تسليمه لإرادته فى يد المشيئة الإلهية 0
فى الكتاب نرى شخصية بطرس الرسول المملوءة غيرة وتسرعاً وإندفاعاً ، مع شخصية توما المملوءة حرصاً وشكاً وتريثاً وحباً للفحص وبعداً عن الإندفاع0 وكلاهما فى يد الرب ، يعمل بهما 0 ونرى فى الكتاب كيف إستخدام الله أناسا كما هم ، بينما غير البعض فحول يوحنا إبن الرعد ، تلميذ المعمدان إلى قلب كله حب 00
* وكل فضيلة تعجبنا ، نرى شخصيات فى الكتاب تمثلها :
نرى أيوب يمثل الصبر ، وسمعان الشيخ يمثل الرجاء والإنتظار 0 نرى داود يمثل التوبة والإنسحاق وإبراهيم يمثل الطاعة والإيمان 0 نرى يعقوب الهادئ المحتمل ، ويحنا المعمدان المشهور بالصمت والتأمل 00
إنها باقة من الفضائل متنوعة الأزهار والألوان والعطور :
يقدمها الكتاب المقدس ، فى أشخاص أتقنوها عملياً ، وتركوها لنا كقدوة ومثال 0 بحيث أننا إن أردنا صفة ما ، أو فضيلة ما ، سنجد حتماً الشخص الذى يعطى لها صورة مثالية 0 وهكذا يكون الكتاب جامعاُ لكل ما نريد 0
* لذلك لا ييأس أحد مفتكراً أن حالته لا تناسب دعوة الله :
فالله مستعد أن يدعوك كما أنت ، أياً كانت حالتك ، أو ثقافتك ، أو سنك ، أو مركزك ، أو وضعك الإجتماعى 00 إنه " الداعى الكل إلى الخلاص " 00 ولعلك تجد مثيلاً لك فى الكتاب المقدس ، قد عمل الله فيه وبه 00
لا تقل إذن " لست أصلح " 0 فليس المهم هو صلاحيتك ، إنما المهم هو عمل الله معك 0 والله قادر أن تعمل مع الكل 0 قل له إذن " مستعد قلبى يا الله ، مستعد قلبى " ( مز 56 )
* ومن الأمور المعزية أيضاً فى الكتاب أنه قدم لنا مثاليات مثلنا ، لقديسين كانت لهم ضعفاتهم ونقائصهم وسقطاتهم :
ولكن روح الله قد عمل فيهم ، وأوصلهم إلى درجات عليا فى القداسة ، على الرغم من هذه الطبيعة التى يمكن أن تضعف أحياناً ، وتسقط 00 وما أعمق وأصدق قول الكتاب :
" إيليا كان إنسانا تحت الآلام مثلنا 00 " ( يع 5 : 17 ، 18 ) 0
ومع أنه كان تحت الآلام مثلنا ، إلا أنه " صلى صلاة " 0 وإستطاع أن يغلق السماء وأن يفتحها
قدم لنا الكتاب إبراهيم الذى خاف أن يقتلوه ، فقال عن زوجته سارة إنها أخته 0 ويعقوب الذى خدع أباه ، وسرق بركة أخيه 0 وشمشون الذى أغرته دليلة ، فكسر نذره 0 ونوحاً الذى سكر وتعرى ، وداود الذى زنى وقتل ، وتوما الذى شك ، وبطرس الذى أنكر 00
لم يقدم لنا الكتاب قديسين معصومين ، أو بشراً من نوع الملائكة ، إنما قدم بشراً مثلنا ، واقعاً لا خيالاً 00 قدم النفس البشرية التى نعرفها ، والتى إختبرناها ، " الأوانى الخزافية " السهلة الكسر ، التى عمل فيها الخزاف العظيم ، وصنع منها أوانى للكرامة ، وجعلها رائحة بخور ذكية ، أمام الملائكة والبشر 00 وكان " فضل القوة لله وليس لنا " ( 2كو 4 : 7 ) 0 أما عن الحروب الروحية التى تعرض لها هؤلاء ، فيغزينا الكتاب بقوله : " الحرب للرب 0 والرب قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل 0
قدم لنا الكتاب المقدس عينات من قديسين ، من نفس نوعنا ، يمكن أن تضعف ، ويمكن أن تسقط ، ويمكن أن تخطئ وأن تزل 00
*ولكنه قدم لنا فى هؤلاء القديسين الذين أخطأوا ، صوراً رائعة من التوبة 0 نصف الحقيقة أنهم أخطأوا ، والنصف الآخر ، الأروع ، أنهم تابوا 00
إن الكتاب المقدس صريح وواقعى 0 إنه يقدم لنا قديسين من نفس طبيعتنا ، التى يمكن أن تخاف ، وأن تشتهى ، وأن تقتر ، وأن تهرب ، وتختبئ من الله 00 حتى السبعة ملائكة الذين للسبع كنائس فى آسيا ، نراهم من نفس الطبيعة البشرية العادية :
لذلك حينما ندرس هؤلاء الرعاة ، الذين وصفهم الكتاب بأنهم ملائكة ، لا ننسى أن واحداً منهم كان فاتراً ، لا هو حار ، و لا هو بارد ، وكان الله مزمعاً أن يتقيأه ( رؤ 3 : 16 ) 0 ونرى واحداً آخر منهم ، على الرغم من تعبه وكده لأجل الله ، عاد وترك محبته الأولى ، وأرسل له الله قائلاً " أذكر من أين سقطت وتب " ( رؤ 2 : 5 ) 0 ونرى ملاكاً ثالثا من ملائكة هذه الكنائس السبع ، يقول له الرب " إن لك إسماً إنك حى وأنت ميت " ( رؤ 3 : 1 )
إنها نفس الطبيعة البشرية التى لباقى لناس 00 والكتاب المقدس لا يكلمكم من وحى الخيال ، و لا يصور لكم قديسين لهم أجنحة من نور ونار ، ويطيرون فى السماء ، ويسبحون فى أجواء القداسة العليا
ولكن بعمل الله القوى الذى عمل فيهم ، بنعمته التى دخلت إلى قلوبهم ، بروحه القدوس الذى أرشدهم وقواهم وأشترك فى العمل معهم 00 بهذا قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه 00 وتغيروا
بطرس الذى خاف ذات مرة أمام جارية وأنكر المسيح ، وتحول إلى القديس بطرس الجبار العنيف ، الذى وقف أمام ولاة وملوك ، وقال للشيوخ ولرؤساء الكهنة " ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس "
( أع 5 : 21 ) 00 جاهر بالإيمان ، وتعب لأجله ، وصار شعلة من نار ، وصلب ، ومات شهيداً
ما هذا يا أبى القديس بطرس ؟ يجبيب : لقد كنت ضعيفاً مثلك ، وخائفاً مثلك 0 لكن الله عمل فى ضعفى ، وروحه قوانى وشددنى ، فشهدت له أمام الكل 00
إذن ، حينما نجد القديس بطرس الرسول قد ملأ الدنيا تبشيراً ، لا نقول إنه من طبيعة أخرى سامية غير طبيعتنا 00 كلا ، إنه مثلنا 0 ولكنه فتح قلبه لعمل الله ، وسلم مشيئته لمشيئة القدوس
وإن رأينا إنساناً مثل القديس بولس الرسول ، قد تعب أكثر من جميع الرسل ، وكرز فى كل أرجاء الأرض ، فلا نظن أنه قد ولد هكذا 00 وإنما هو نفسه يعترف ويقول : " أنا الذى كنت من قبل مجدفاً وضطهداً للكنيسة ، ولكننى رحمت لأننى فعلت ذلك بجهل " ( 1تى 1 : 13 ) 00
وإن عرفنا جباراً من جبابرة الروح والرعاية مثل القديس موسى النبى ، الذى أجرى الله على بديه معجزات فى أرض مصر ، وشق البحر بعصاه ، وضرب الصخرة ففجر منها الماء ، أنزل من السماء المن والسلوى 00 فلا نظن أنه وقد ولد هكذا 00 بل أنه عاش فى مبدأ حياته كأمير فى قصر فرعون ، بكل الله ما تحمل الإمارة من رفاهية وتنعم وكبرياء ، متعداً بنفسه ، يضرب المصرى فيقتله 0 ولكن الله أمسك به ، علمه طريقه 0 أمسكه " إبن النجار " ، بالفارة والمنشار ، وأزال نتوءاته وصنفره ، وعمل فيه ، حتى صار قديساً عظيما ً لا نستحق التراب الذى يدوسه بقدميه 00 " وصار الرجل موسى حليماً جداً ، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض " ( عد 12 : 3 )
هذه عينات من الناس ، أخذها الله كما هى ، و عمل فيها ، وعمل معها ، صارت له ، وأخذت من بهائه ، ومن قوته 0
وبالنسبة إليك ، لا تشابه القديسين فى ضعفاتهم ، وإنما فى طهرهم 0
لا تتهاون معتذراً بأن القديسين أنفسهم قد أخطأوا ، إنما أنظر إلى توبتهم وأعماقها العجيبة ، وإلتصاقهم الطبيعى بالله 0
*وحينما نقول إنهم أخطأوا ، فلا نعنى أن حياتهم كلها كانت خطية 0 بل السقطات كانت الوضع العابر الطارئ فى حياتهم 0 أما القداسة فكانت الوضع الطبيعى الدائم 0
إذا عرفنا أن داود فى وقت ما ، قد زنى وقتل 0 فليس معنى هذا أن حياته كلها كانت زنى وقتلا وليس معنى هذا أن يتطاول بعض الوعاظ على هذا القديس العظيم ، ولا يتحدثون إلا عن خطيئته بلون من الإستصغار !! وينسون أنه رجل الصلاة والتسبيح والمزامير ، رجل المزمار والقيثار والعشرة الأوتار ، رجل الإيمان والوداعة ، الذى قال عنه الرب بنفسه " فحصت قلب داود ، فوجدته حسب قلبى
إن الشر لم يكن طبيعة فى هذا البار ، الذى حل عليه روح الرب ، والذى هزم جليات ، وإحتمل شاول وغفر لشمعى بن جيرا ، وسبح للرب تسابيح جديدة 00 إنما هى صفات طارئه ، سمح بها الرب ليعطى قديسه إنسحاقاً ودموعاً ، ويصيره درساً فى التوبة ، كما كان درساً فى الصلاة ، وفى الوداعة ، وفى الشجاعة 0


descriptionآدم و حواء و قايين و هابيل Emptyتابع روحانيات الصوم الكبير

more_horiz

وبنفس الوضع حينما نذكر خوف أبينا إبراهيم ، وقوله عن إمراته سارة إنها أخته 00 لا ننسى أبداً إيمان الرجل ، ونسكه وشجاعته ، وكرمه ، وطاعته للرب حتى رفع السكين ليقدم وحيده المحبوب محرقة 00 ولا ننسى وتركه لأهله وعشيرته وسعيه وراء الرب
* كذلك فى حديثنا عن قديسى الكتاب ، ليس المهم نقطة البدء فى حياتهم ، فربما بدأ البعض منهم كأشخاص عاديين 0 إنما المهم هو ما إنتهوا إليه 000
لقد كانت حياة هؤلاء القديسين ، مجرد مجال عمل فيه الله 0 نحن نهتم بهذه النقطة بالذات فى حياة قديسى الكتاب 00 يهمنا جداً دور الله فى حياتهم 0 كيف كانت معاملة الله لقديسيه ، وكيف كانت معاملته للأشرار ؟ ومعاملته للساقطين والتائبين وللقائمين 00
إن الكتاب هو سجل جميل لمعاملة الله مع الناس 00
ومن واقع هذه المعاملة نأخذ فكره عن صفات الله الجميلة ، وعن حبه وطول أناته ، وحكمته وصلاحه ، وقوته وقدرته 00 ونأخذ من كل هذا درساً لأنفسنا ومجالاً لتأملاتنا 0
*وفى سير قديسى الكتاب ، لا نريد أن ندرس تاريخاً ، إنما أن نمتص حياة 00
فالكتاب المقدس لم يقصده به أن يكون كتاب تاريخ ، إنما هو كتاب إيمان ، وكتاب حياة 0 وهذا هو الفرق بين دراستنا للكتاب ، ودراستنا لكتب التاريخ 0 التاريخ يذكر أحداثاُ ، ولكننا هنا
لا نفحص الأحداث ، بقدر ما نفحص حالة القلب 0
إننا من خلال الأحداث ، ندرس النفس البشرية ، فى كل مشاعرها وأحاسيسها وتصرفاتها 0 ندخل إلى أعماق النفس ، وندرس حروبها الروحية ، وندرس علاقاتها مع الله ومع الناس ومع ذاتها 0 ومن كل ذلك نتعلم 00
والكتاب المقدس صريح جداً فى كشف النفس البشرية 0 ونحن نريد أن نتناول هذه النفوس ، لكى نحللها ، ونفهمها ، ونرى فيها صورتنا نحن ، وما ينبغى أن نفعل 0 وفيما ندرس هذه الشخصيات ، ندرسها لكى نحيا نحن 00
نحيا من خلال حياة هؤلاء ، ونستفيد من تجاربهم ، ومن خبراتهم ، ونستفيد من سقوطهم أيضاً ومن قيامهم 0 وإن تعرضنا لأخطائهم ، فنحن لا ندينهم عليها 0 إنهم آباؤنا ومعلمونا ، بل هم أيضاً مثلنا العليا 0 وهم أحباء الله الذين نرجو شفاعتهم وبركتهم 000
والأخطاء التى نكشفها ، إنما تكشف لنا ضعف طبيعتنا ، وليس ضعفاً لأولئك القديسين الذين لا نستحق أن نقبل التراب الذى داسوه بأقدامهم الطاهرة 00
بركة هؤلاء جميعاً ، فلتكن معنا ، آمين 00

أولا : بهاؤهما الأول
ثانيا : 27 خطية وقعا فيها
ثالثاً : نتائج هذه الخطايا وعقوباتها


يحسن بنا أن نبدأ تأملاتنا فى شخصيات الكتاب بأبوينا الأولين ، آدم وحواء ، ونرى كيف خلقا وكيف كانا ، وميزات طبيعتهما الأولى فى عمق بهائها ومجدها ، وكيف قادهما الضعف البشرى ، وتطور بهما من سقطة إلى أخرى ، حتى كثرت خطاياهما جداً ، وفسدت طبيعتهما البشرية 0
1-كانا مخلوقين ، غير مولودين ، لم يرثا فساداً من طبيعة سابقة :
آدم وحواء ، لم يولدا من دم ، و لا من مشيئة جسد ، و لا من مشيئة رجل 00 لم يأتيا من زرع بشر ، ولم يرثا طبعاً فاسداً من طبيعة سابقة عليهما ، إنما خلقهما الله ، شيئاً جديداً لم يتلوث من قبل ، وبالطريقة التى أرادها الرب لهما 0
2-خلقهما الله على صورته ومثاله 0 ولا يمكن أن يوجد أعظم من هذا ، أن يكون آدم وحواء على شبه الله 00
وفى ذلك يسجل سفر التكوين " وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا 00 فخلق الله الإنسان على صورته ، على صورة الله خلقه 0 ذكراً وأنثى خلقهم " ( تك 1 : 26 ، 27 ) 0
وما أكثر تأملات الآباء القديسين وتفسيراتهم ، الخاصة بخلق أبوينا الأولين على صورة الله 00
* قيل إن الله خلقهما على صورته فى البر والقداسة ، فى وضع فائق للطبيعة 00 وهكذا كان كلاهما باراً بلا خطية حينما خلقهما الله متسربلين بالقداسة 00
* وقيل على صورته فى الجمال والبهاء والمجد ، أى أعطاهما قبساً من بهاءه ، فكانا فى منتهى الجمال ، جسدا ونفسا وروحا 00وقيل إن الله خلق الإنسان على صورته فى الخلود، اذ وهب لهما خالدة ، نفخها فى أنف آدم ، نسمة حياة ، فصار آدم نفساً حية ( تك 2 : 7 ) 0
* وقيل إن الله خلقهما على صورته فى حرية الإرادة 0
* وقيل أيضاً إن الإنسان خلق على صورة الله فى التثليث والتوحيد : ذاتاً ، لها عقل ناطق ، ولها روح0 والذات والعقل والروح كائن واحد : كالذات الإلهية ، لها عقل ، ولها روح ، والثلاثة كائن واحد 00 إنما الله غير محدود فى كل شئ ، والإنسان محدود 00
* وقيل إن الله خلقهما على صورته فى الملك والسلطة 0 فكانا ملكين على الآرض ، وممثلاً للخليقة الأرضية كلها 00
* وقيل إن الله كان يعرف مسبقاً بسقوط الإنسان ، وبأنه سيخلى ذاته ويتجسد لكى يخلصه 0 فخلق هذا الإنسان على الصورة التى كان الله مزمعاً أن يتجسد بها ، على شبهه ومثاله 00
3-وكان آدم وحواء يتصفان بالبساطة والبراءة :
ما كانا يعرفان الشر إطلاقاً 0 كانا يعرفان الخير فقط ، و لا شئ سوى الخير 0 لذلك لم يفكرا وقت التجربة أن الحية يمكن أن تخدع وأن تكذب 0 فعبارات الكذب والخداع لم تكن موجودة فى قاموسها فى ذلك الحين 0
وفى بساطتهما وبراءتهما ، ما كانا يعرفان بعضهما من الناحية الجنسية ، بل كطفلين ساذجين - ما كانا يفهمان الفروق العضوية فى تركيب جسديهما 0 وكما ذكر سفر التكوين " وكانا كلاهما
عريانين ، آدم وإمراته ، وهما لا يخجلان " ( تك 2 : 25 ) 0
4-وقد باركهما الله معاً ، بنفس البركة ، وأعطاهما سلطاناً على الأرض كلها بجميع كائناتها ، نفس السلطة لكليهما 00
وفى ذلك يذكر سفر التكوين " وقال الله نعمل الإنسان كصورتنا ، فيتسلطون على سمك البحر ، وعلى طير السماء ، وعلى البهائم ، وعلى كل الأرض ، وعلى الدبابات التى تدرب على الأرض "
( تك 1 : 28 ) 0 وهكذا عاش الإثنان ، ولهما هيبة وسلطة ، على الأرض ومخلوقاتها 0 ما كانا يخافان الوحوش أو دبيب الأرض ، بل عاشا وسط الأسود والنمور والفهود والحيات والثعابين وما أشبه ، فى حياة من الألفة والسلام ، لهما سلطان على كل هولاء 0 ترى الوحوش فيهما صورة الله فتعاملهما بالمهابة اللائقة بهما 0
وآدم هو الذى سمى كل الحيوانات وكل ذوات الأنفس بأسمائها " وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية ، فهو إسمها 0 فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء ، وجميع حيوانات البرية "
( تك 2 : 19 ، 20 ) 0
5- وكان آدم وحواء إجتماعيين ، يتعاونان معاً 00
حينما كان آدم وحده فى الجنة ، وجد التعاون والألفة بين جميع حيوانات الأرض " وأما لنفسه ، فلم يجد معيناً نظيره " ( تك 2 : 21 ) 0 وصعد هذا الإشتياق ، أو هذا الإحتياج إلى الله " فأرقع الرب الإله سباتاً على آدم فنام 0 فاخذا واحدة من أضلاعه ، وملأ مكانها لحماً 0 وبنى الرب الإله الضلع التى آخذها من آدم إمراة ، وأحضرها إلى آدم " ( تك 2 : 21 ، 22 ) 0
وشعر آدم بهذه الرابطة القوية التى تربطه بحواء ، إنها جزء منه ، بينهما رابطة دم ولحم وعظم0 " فقال آدم : هذه الآن عظم من عظامى ، لحم من لحمى 0 هذه تدعى إمرأة ، لأنها من إمرء أخذت " ( تك 2 : 23 ) 0
6- ونحن نعجب من هذه المعرفة التى كان لآدم :
* كيف عرف أن حواء ، قد أخذت من لحمه ومن عظامه ، بينما كان فى سبات 00 ؟ ! هل أخبره الله بما حدث ، فى ظل علاقة المحبة بينه وبين الله ؟ أم كان هذا اللون من المعرفة ، من ضمن مواهبه فى ذلك الوقت ، الذى خلق فيه بوضع فائق للطبيعة 00 ؟ !
* كما أننا نعجب بأدم إذ أنه أعطى حواء إسماً له دلالة وله عمق ، فسماها إمرأة ، أنها من إمرء أخذت0
وفيما بعد 00 بعد الخطية ، حينما ولدت إمراته إبناً ، أعطاها إسماً آخر : " ودعا آدم إسم إمراته حواء ، لأنها أم كل حى " ( تك 3 : 20 ) 0 إنها حكمة إتصف بها آدم فى إطلاق الأسماء 0 ولعله إستخدام هذه الحكمة ذاتها فى تسمية الحيوانات والطيور وكل ذوات الأنفس الحية 0
ليت أحد المتخصصين فى علوم اللغات ، يبحث مع بعض المتخصصين فى علوم الحيوان ، السر الذى يكمن وراء أسماء الحيوانات ، والحكمة التى بها أطلق آدم كل إسم على صاحبة 00
* كان آدم أيضاً يعمل فى الجنة ويحفظها ( تك 3 : 15 ) 0 فمن أين أوتى آدم هذه المعرفة بشئون كل النباتات الموجودة فى الجنة ، أتراه أيضاً لون من الكشف الإلهى ، أو كانت معرفة آدم من نوع فائق لمعرفتنا ؟!
7-وقد خلق آدم وحواء بعد أن أعد الله لهما كل شئ 0
خلقهما فى اليوم السادس ، كقمة لمخلوقاته كلها 0 وخلقهما بعد أن خلق من أجلهما كل شئ كما فى القداس الغريغورى 0 من أجلهما أعد السماء لهما سقفاً ، ومهد لهما الأرض كى يمشيا عليها 0 رتب لهما قوانين الفلك ، ووضع لهما الشمس لضياء النهار ، القمر لإضاءة الليل 0 ونظم لهما الطبيعة وأجواءها ، وخلق لهما النبات لطعامهما ، والحيوانات لخدمتهما 0 وأخيراً خلقهما ، ليتمتعا بهذه الطبيعة كلها 0
وعندما تنتهى فترة إقامة البشرية على الأرض ، ويأتى الرب على السحاب ، ليأخذ باقى البشر ، ويسكن الإنسان فى الأبدية ، حينئذ سيزول هذه الأرض وهذه السماء اللتان خلقهما الله ، لراحة الإنسان ههنا 0 إذ سيزوا غرضهما بإنتقال الإنسان إلى جوار الله فى أورشليم السمائية
ما أعظم قيمة هذا الإنسان ، الذى من أجله خلق الله كل شئ 0 آدم صورة الله ، أعظم كائن على الأرض فى أيامه ، نائب الله ، المسلط منه على كل الخليقة الأرضية 00
8-وكان آدم وحواء سعيدين ، يعيشان فى جنه :
خلق الله جنه جميلة ، لكى يحيا فيها هذا الإنسان سعيداً " غرس الرب الإله جنة فى عدن شرقاً 0 ووضع هناك آدم الذى جبله " ( تك 2 : 8 ) 0 ويشرح سفر التكوين بعض تفاصيل هذه الجنة ، فيقول
" وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل ، وشجرة الحياة فى وسط الجنة ، وشجرة معرفة الخير والشر 0 وكان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة " ( تك 2 : 9 ، 10 )
كان آدم سعيداً هو وحواء داخل الجنة 0 لم يكن هناك ما ينقصهما ، ولم يكن هناك ما يعكر صفوهما كان كل شئ حولهما جميلاً وعاشا فى اليوم السابع ، اليوم قدسه الرب ، واتخذه للراحة ، له وهما 0
وهذه الطبيعة الجميلة الهادئة النقية التى خلقها الله لآدم وحواء ، يقول عنها الكتاب " ورأى الله كل ما عمله ، فإذا هو حسن جداً " ( تك 1 : 31 ) 0
9- وعاش آدم أيضاً فى عشرة الله 00
لم تكن سعادة هذا الإنسان الأول ، من مجرد خلقة فى طبيعة ممتازة ، أو من سلطته على هذه الطبيعة أو من حياته فى جنة جميلة ، إنما لعل السبب الأول فى سعادته ، أنه كان يحيا فى عشرة الله 00 الله كان يظهر له ، وكان يكلمه ، وكان يباركه ، وكان يعلمه بنفسه ويقدم له الوصايا النفافعة له 0 كانت له علاقة مباشرة مع الله ، يشرحها سفر التكوين " نفخ فى أنفه نسمة حياة " " وأخذ الرب الإله آدم ووضعه فى جنة عدن " وأحضر " الحيوانات " إلى آدم ليرى ماذا يدعوها " " وباركهم الله وقال لهم : أثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض " " وأوصى الرب الإله آدم قائلاً : من جميع شجر الجنة تأكل أكلاَ0 وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها " 0
10-وقد عاش آدم وحواء فى الجنة نباتيين 00
* إن أكل اللحوم لم يسمح به الله إلا فى أيام نوح ، بعد خروجه وأسرته من الفلك ، إذ يذكر سفر التكوين إن الله بارك نوحا وبنيه بنفس بركة آدم وحواء ، تقريباً ، وقال لهم " كل دابة حية تكون لكم طعاماً 0 كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع ، غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه " ( تك 9 : 3 ،4)
أما ما قبل فلك نوح ، فلم يكن مصرحاً بغير النبات 00 وهذا ما يذكر سفر التكوين :
* لما خلق الله آدم و حواء ، سمح لهما بأكل الفاكهة والبقول ، أى ثمار الأشجار ، وذلك بقوله " إنى قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذراً على وجه كل الأرض ، وكل شجر فيه ثمر شجر يبذر بذراً ، لكم يكون طعاماً " 0 " ولكل حيوان الأرض ، وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيها نفس حية ، أعطيت كل عشب أخضر طعاماً ، وكان كذلك " 0 ( تك 1 : 29 ، 30 ) 0
* إذن لم يكن الإنسان وحده نباتياً فى الجنة ، وإنما حتى الحيوانات أيضاً بكل أنواعها كانت نباتية : للإنسان الثمار والبقول ، وللحيوان العشب الأخضر 0 لم يكن هناك إفتراس 0 لا الإنسان يأكل الحيوان ، ولا الحيوان يأكل الإنسان ، و لا الحيوان يأكل بعضه بعضاً 0
*وبعد السقوط فى الخطية : لما حدث أن الإنسان ، كالحيوان إشتهى أن يأكل ، أعطاه الله الطعام المخصص للحيوان ، عشب الأرض 0 فقال الرب للإنسان بعد السقوط " تأكل عشب الأرض " ( تك 3 : 18 ) ، و كان العشب مخصصاً للحيوان من قبل ( تك 1 : 30 ) 0
بقى الإنسان بعد السقوط نباتياً ، يأكل ثمار الشجر والبقول والعشب ، بعد طرده من الجنة ، دون أن يأكل اللحوم ، التى لم يصرح له بعدها ، إلاً بعد فلك نوح ( تك 9 : 3 ) 0
*ومع ذلك كانت الأعمار طويلة جداً ، فى تلك الفترة من آدم حتى نوح ، كما يشرح الإصحاح الخامس من سفر التكوين :
عاش آدم 930 سنة ( تك 5 : 5 ) ، وعاش نوح 950 سنة ( تك 9 : 29 ) 0 وعاش متوشالح 969 سنة ( تك 5 : 27 ) ، وهو صاحب أطول عمر فى كل أجيال البشرية وكان نباتياً 0
• لماذا إذن صرح الله بأكل اللحوم بعد فلك نوح ؟
يقول الكتاب " قبل الطوفان مباشرة " " ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر فى الأرض ، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم ، فحزن الرب أنه عمل الإنسان فى الأرض " ( تك 6 : 5 ، 6 ) وهكذا أغرق الرب العالم بالطوفان 0 وأبقى الرب بقية من البشرية 0 وسمح لها بأكل اللحوم ، لأن مستوى البشر لم يكن يحتمل غير هذا 00
كانت طبيعتهما سامية جداً ، ولكنهما كانا يتمتعان فى نفس الوقت بحرية الإرادة ، وبالحرية توجد إمكانية السقوط 0
العجيب أن كثيراً من الكتاب يتحدثون عن خطية آدم أو حواء ، كما لو كانت خطية واحدة لا غير !! بينما وقع أبوانا فى عديد من الخطايا ، نذكر منها هنا 27 خطية ، بنوع 00 التحليل ، لكى نتعلم نحن أيضاً التدقيق فى محاسبتنا لأنفسنا 00 فما هى هذه الخطايا ؟

وهذه هى الخطية الواضحة للكل 0 إن الله أمر أبانا آدم قائلاً : " من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً 0 وأما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها 0 أنك يوم تأكل منها موتاً تموت " ( تك 2 : 16 ، 17 )0 الوصية واضحة ، وقد سمعها آدم بنفسه من فم الله 0 وكانت تحفظها حواء ( تك 3 : 2 ) 0 ومع ذلك خالفها آدم وخالفتها حواء 0
لو لم ينذر الله آدم وحواء من قبل ، لقلنا إنها كانت خطية جهل 0 ولكن من الواضح أنها خطية معرفة
بدأت سلسلة الخطايا التى وقع فيها آدم وحواء بخطية " المعاشرات الرديئة التى تفسد الأخلاق الجيدة " ( اكو 15 : 33 ) 0 فجلست أمنا حواء مع الحية " وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التى عملها الرب الإله " ( تك 3 : 1 ) 0
وحتى إن كانت أمنا حواء ، بنقاوة قلبها وبساطتها ، لا تدرك ما فى الحية من خبث ، فإنه كان يجب عليها أ، تتنبه ، حينما أخذت الحية تكشف أوراقها ، ويقول كلاماً عكس ما قاله الله نفسه لهما
ولكن أمنا القديسة بدلاً من أن تتنبه ، وقعت فى خطية الإنقياد ، ووقعت أيضاً فى خطية الشك 0 وقادتها هاتان الخطيتان إلى سقطات أخرى كثيرة 0
قالت الحية فى خبث وهى تبذر بذور الشك " أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة ؟! " 00 أحقاً أن الله الرحيم الطيب يمنعكما عن الأكل من كل الشجر ؟ وماذا يضيره لو جعلكما تأكلان ؟ أى شر فى هذا ؟
فلما أجابت المرأة حسناً ، أخذت الحية تتعمق فى إلقاء بذور الشك ، فقالت " كلا ، لن تموتا ، بل الله عالم إنكما يوم تأكلان تتفتح أعينكما ، تكونان مثل الله عارفين الخير والشر " 00 إذن الله خائف من أن تضيرا مثله ، لذلك يمنعكما 00 ليس حباً منه لكما ، أو حرصاً عليكما ، إنما خشية من المنافسة 00
هذا هو الشك الذى ألقته الحية فى نفس حواء :
الشك فى صدق كلام الله ، والشك فى حب الله للبشر ، بل الشك أيضاً فى إنذار الله لهما بالموت 0 فهما – حسب كلام الحية – لن يموتا ، بل ستتحسن أحوالهما 00 وإستسلمت حواء إلى هذا الشك ، فسلمها إلى خطيئة أخرى :
إنقادت – وهى صورة الله ومثاله – إلى الحية ومشورتها 0 فبدلاً من أن تنتهر الحية على التشكيك فى كلام الله ، أطاعتها ، وبهذا فقدت شخصيتها أمام الحية ، بينما كان الله قد أعطاها سلطاناً على جميع حيوانات الأرض وعلى ما يدب على الأرض ، فكانت الحية بذلك تحت سلطانها ، وكانت تملك أن تخضعها ، حسب قول الرب عن هذه الكائنات وأخضعوها " ( تك 1 : 28 ) 0 فبدلاً من إخضاعها 0 خضعت لها 0
ونفس هذا الإنقياد الخاطئ ، الذى وقعت فيها حواء ، حدث بالنسبة إلى أبينا آدم من جهة إمراته حواء ، بينما الرجل رأس المرأة 0 وكان يجب على آدم أن يقود حواء إلى الخير ، ويرفض أن يأكل الثمرة المحرمة من يدها ، ولكنه إنقاد هو أيضاً وأطاع 0 ووقع فى نفس ضعف الشخصية الذى وقعت فيه حواء 0
لذلك فإن الله لم يقبل من حواء عبارة " الحية أغرتنى " 0 ولم يقبل من آدم عبارة " المرأة أعطتنى "
كان يجب على كل منهما أن يكون قوى الشخصية ، ولا يقبل من غيره أية نصيحة أو أى توجيه ضد وصية الله الواضحة 0 وكان إنقياد حواء للحية ، يجمل داخله أخرى هى :
إنقياد حواء للحية ، معناه انها قبلت كلامها أكثر من كلام الله ، أو قل إنها صدقت الحية وكذبت الله 0 الله يقول عن ثمر الشجرة " لا تأكلا منه و لا تمساه ، لئلا تموتا " ( تك 3 : 3 ) 0 والحية تقول " كلا ، لن تموتا " 0 والمرأة تقبل كلام الحية ، وتميل إليه بقلبها ، تترك كلام الله ، لا تخشاه ، و لا يتعبها إنذاره 00
إذن فهذا ضعف إيمان بالله وبكلمته وبإنذراه 0 بل هو عدم إيمان بصدق الله 00 وضعف الإيمان هذا ، قادها إلى خطية أخرى وهى
بدأت تستهين بحكم الله وبتهديده وعقوبته ، ولم تخف إطلاقاً من أن تمد يدها وتأخذ ، كما لو كانت عبارة " موتاً تموتاً " لا تهز لها جفناً ، و لا تحرك ضميرها أو قلبها 00 !
على أن إغراء الحية وحديثها ، قاد المرأة إلى خطية أخرى ، دنست قلبها الطاهر ، وهى خطية الشهوة 0

نظرت المرأة إلى الشجرة ، فإذا هى " جيدة للأكل ، وبهجة للعيون ، و إذا الشجرة شهية للنظر " 00 فإشتهتها 00 كانت شجرة معرفة الخير والشر فى وسط الجنة ، وربما كانت حواء تمر عليها كل يوم وتراها 0 وكانت نظرتها إليها بسيطة ، لا تحمل شهوة 00
" يوم تأكلان منها تتفتح أعينكما وتصيران مثل الله 00" 0 هنا الإغراء الجبار " تصيران مثل الله " أو تصيران إلهين 00!! إن كان الأمر هكذا ، فلماذا نرضى ونكتفى بالمستوى البشرى ؟ ! ولماذا نأخذ من الله موقف الطاعة ، بدلاً من موقف المساواة ؟! وعصفت شهوة الألوهية بهذه الإنسانة المسكينة فدخلتها الكبرياء 0
وأستطاعت هذه الكبرياء أن تحطمها ، كما حطمت الشيطان من قبل لأنه أراد أن يقع الإنسان فى نفس السقطة التى وقع فيها 00 وماذا كانت سقطته ؟ يحكيها سفر أشعياء النبى فيقول :
" كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم ؟ وأنت قلت فى قلبك : أصعد إلى السموات ، أرفع كرسى فوق كواكب الله 00 أصعد فوق مرتفعات السحاب ، أصير مثل العلى 0 ولكنك إنحدرت إلى الهاوية ، إلى أسافل الجب " ( أش 14 : 12 – 15 )
إن عبارة " أصير مثل العلى " التى قالها فى قلبه ، هى نفس عبارة " تصبران مثل الله " التى أغرى بها حواء 00
إن الكبرياء هى التى أسقطت الشيطان ، وهى التى أسقطت الإنسان الأول 0 وكما قال أحد القديسين : إن حواء إشتهت مجد الألوهية ، ففقدت ما كان لها من مجد البشرية 0
على أن هذه السقطة ، وهذه الكبرياء ، كانت تحمل فى داخلها شهوة أخرى ، أو خطية أخرى ، و هى

" تصيران مثل الله ، عارفين الخير والشر " " تنفتح أعينكما " 00 لقد قدم الشيطان للإنسان هذا الإغراء ، إغراء المعرفة 00 إلى متى تظل مقفل العينين لا تعرف ؟ ليتك تأكل لكى تنفتح عيناك المغمضتان ، وتذوق الدنيا وتعرفها 00
إلى متى يغلق الله عليكما فى هذه البساطة أو السذاجة ، التى يسمونها النقاوة أو البراءة !! فتظلان هكذا لا تدريان و لا تفهمان الجمال الموجود فى الدنيا ، واللذة الموجودة فى الثمرة ؟!
أية معرفة يقصدها الشيطان ؟ لقد وهبهما الله فضل معرفته ، وجعلهما يعرفان الخير والبر ويذوقان ما فى هذه المعرفة من لذة 0 يجيب الشيطان ‘نهما حرما من معرفة الخير و الشر 0
وهنا تبدو الخدعة الكبرى التى إنطلق على حواء 00 فما هى ؟
إنهما يعرفان الخير فقط 0 والشيطان يريد لهما الآن " معرفة الخير والشر " ، أى أن تضاف إلى معرفتهما النقية ، معرفة الشر 00!
يا للخدعة الخبيثة ، التى قال عنها الحكيم " الذى يزداد علماً ، يزداد غماً " ( جا 1 : 18 ) ، يقصد المعارف التى تشوه نقاوة الإنسان ، أوتر بك سلامة فكره 00
وأكل الإنسان من شجرة المعرفة ، فصار جاهلاً 00 لأنه أخذ معرفة الشر إلى جوار معرفة الخير ، وماذا أصابه أيضاً ؟ ومن ذلك اليوم ، والإنسان يعيش معذباً ، يسبح فى بحر العالم ، يحيطه شاطئان :
وللأسف ، فإن معرفة الشر عند كثيرين ، أرتبطت بشهوة الشر ، أو على الأقل أرتبطت بالصراع بين الخير والشر 0 وعاش الإنسان حياته فى هذا الصراع ، وتشوهت أفكاره بمعرفة الشر ، وجلبت له هذه المعرفة الظنون والأفكار ، ووضعت فى عقله الواعى أو عقله الباطن صوراً متعبة ، تظهر أحياناً كشكوك وظنون ، وأحياناً كإدانة للآخرين ، أو كإشمئزاز من وضع معين ، أو كخوف من سقوط 00
أو أرتياب فى نقاوة 0
ولما أكلت حواء من شجرة المعرفة هذه ، بدأت ترى آدم رجلاً يختلف عن أنوثتها 0 وبدأ آدم يراها أنثى تختلف عن رجولته 0 وبدأ الجنس بفتح أبوابه 0
وكان أول باب هو الخجل 0 وأحس آدم وحواء أنهما عريانان ، فكرا كيف يستران عربهما 00 وفقد الإثنان بساطتهما الأولى 00
ما كان أغناهما عن هذا كله ، لو أنهما لم يطلبا هذه المعرفة ، أو على الأقل طلبا المعرفة من الله وحده 0 ولكنهما وقعا فى الخطية أخرى وهى :
كان الله هو المعلم الأول الوحيد للإنسان ، يعطية من المعرفة ما يفيده وما يبقى على نقاوته 0
ثم بدأ الإنسان يتخذ له مرشداً غير الله ، يشير عليه بما يفعل ، ويعطية معرفة أخرى 0 وكان هذا المرشد للأسف ، هو الشيطان الذى دخل الحية ، وأرشد الإنسان إلى ما فيه هلاكه 00
وشهوة المعرفة ، بعيدة عن الله ، ومن غير الله ، ملأت الإنسان بمعارف ضيعته 0 ومازال الإنسان يسعى إلى المعرفة منذ أكل من شجرة 0 وفى كل يوم تنفتح عيناه بالأكثر 00 وتجمع له الحواس أحياناً ما يضره 00
ويستمر فى ثنائية المعرفة ، التى تشمل الخير والشر ، إلى أن يهب له الله فى الأبدية إكليل البر ، فيتقيأ ما أكله من معرفة الخير والشر ، ويعود لا يعرف غير الخير وحده ، وينسى فى النعيم الأبدى ما كان قد عرفه فى العالم من شر 0 يمحو الله من ذاكراته ومن علمه ومعرفته كل معرفة الشر فى الإنسان الجديد الذى يقوم من الأموات فى نقاوة لا تعرف شراً 0
ويصير الجميع متعلمين من الله ( يو 6 : 45 ) 0 ولا يعود الشيطان يعلم ويرشد يلقى أفكاره فى عقول الناس 00 بل فى الأبدية سنأخذ معرفة بديلة ، هى معرفة الله الذى يكشف لنا ذاته 0 وكما قال ربنا يسوع المسيح لله الآب " هذه هى الحياة الأبدية ، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحده ، ويسوع المسيح الذى أرسلته " ( يو 17 : 3 ) 0
حينئذ يكون الله هو مصدر معرفتنا ، وقمة معرفتنا ، وتبطل مشورة الشيطان الذى أسقط أمنا حواء فى القديم ، فأكلت 00وظهرت فى أكلها خطيئة أخرى وهى : كانت حواء تحفظ الوصية حفظاً عقلياً ! لذلك عندما سألتها الحية " أحقاً قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة ؟ " وصححت لها حواء منطوق الآية ، وذكرت تفاصيلها ، فقالت للحية " من ثمر شجر الجنة نأكل 0 وأما ثمر الشجرة التى فى وسط الجنة ،فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا " 0 إنه حفظ دقيق لم يكتف بالمنع عن الأكل ، بل عن اللمس أيضاً 00
والعجيب أنها فى نفس الوقت الذى ذكرت فيه الوصية بهذه الدقة العجيبة ، عادت وكسرت الوصية ، ومدت يدها وقطفت وأكلت 00! لقد حفظت الوصية عقلاً لا عملاً
إنها تذكرنى بالشاب الغنى الذى كان يحفظ الوصايا ، وقال عنها للسيد الرب " هذه حفظتها منذ حداثتى " 0 وفى نفس المناسبة مضى حزيناً ، لأنه كان يعبد إلهاً آخر هو المال ، بينما تقول الوصية الأولى " لا تكن لك آلهة أخرى أمامى " ( خر 20 : 3 ) 0
وفى الأكل من الشجرة ، وقعت حواء ، كما وقع آدم أيضاً فى خطية أخرى وهى :
الأكل ، شهوة الأكل ، والنظر إلى الشجرة على أنها " جيدة للأكل " 00 كلها أمور جسدانية إنحدر إليها آدم وحواء ، بأسباب نفسانية ، سقطا بها عن المستوى الروحى 0
ولذلك أعتبر البعض أن الوصية الأولى التى أعطيت للإنسان ، كانت وصية صوم ، تشبه صومنا فى هذه الأيام ، نأكل من الكل ماعدا نوع واحد وهو الأطعمة الحيوانية 0 كذلك أعطى للآدم وحواء أن يأكلا من الكل ماعدا نوع واحد هو ثمر هذه الشجرة 0
ولكن آدم وحواء كسرا هذا الصوم ، وأكلا من هذا الصنف المحرم 0 وبالأكل سقطا من المستوى الروحى إلى المستوى الجسدى 0
وبهذا السقوط ، إستمرت معهما حروب الجسد فيما بعد 0 حتى أن بعض العقوبات التى فرضها الله عليهما ، كانت تحمل إشارة إلى هذا المستوى الجسدانى الذى هبطا إليه :
قال للمرأة " تكثيرا أكثر أتعاب حبلك 0 بالوجع تلدين أولاداً " 0
وقال لآدم " أنك سمعت لقول إمراتك ، وأكلت من الشجرة التى أوصيتك قائلاً لا تأكل منها ، ملعونة الأرض بسببك 0 لا بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك 00 بعرق جبينك تأكل خبزاً 00 وتأكل عشب الأرض " ( تك 3 : 16 –19)
الله أعطى أبوينا الأولين أن يأكلا من كل شجر الجنة ، ماعدا واحدة 0 ولا شك أنه كانت توجد أثمار كثيرة جداً فى الجنة ، بل كان فيها كل نوع ثمر 00 ولكن هذا كله لم يقتنع به آدم وحواء ولم يكفيهما ، بل أرادا الأكل من هذا النوع الواحد الناقص 0 وهذا يدل على عدم القناعة 0
ومازال مرض عدم القناعة موروثاً حتى الآن " العين لا تشبع من النظر ، والأذن لا تمتلئ من السمع " وكل الأنهار تجرى إلى البحر ، والبحر ليس بملآن " ( جا 1 : 7 ، 7 )
على أن حواء فى أكلها من الثمرة المحرمة ، لم تقع فقط فى كل هذه الخطايا ، إنما أضافت إليها خطية أخرى وهى :
لم يقتصر أمرها على كسر الوصية والأكل من الشجرة ، وإنما يقول الكتاب إنها " أكلت ، وأعطت رجلها أيضاً معها فأكل " الخطأ ، وقادته إلى كسر الوصية و ، وكانت سبباً فى ضياعه ، ووضعت أول بذرة للعثرة ، وإعثار الأخرين 00
والعجيب أن البعض يظنون أن خطية آدم وحواء هى مجرد الأكل من الشجرة ! فعلى الرغم من كل الخطايا التى ذكرناها ، توجد خطايا أخرى كثيرة أرتكبها أبوانا بعد الأكل من الشجرة 0
فما هى هذه الخطايا
لما أكلا " إنفتحت أعينهما ، وعلما آنها عريانان " ، إذ فقدا نقاوتهما ، فقدا بساطتهما الأولى 0 فبدلا من معالجة الخطية والتخلص منها ، و الرجوع إلى النقاوة الأولى ، قاما بتغطية الخطية بأوراق التين 0 وهكذا تغطى آدم وحواء ، ولكن بقى القلب من الداخل غير سليم ، والشعور كما هو 00
وأصبحت أوراق التين ترمز إلى تغطية الخطية ، دون التخلص منها 0
لهذا نرى أن الرب لم يوافق على فكرة أوراق التين 0 " صنع الرب الإله لآدم وإمراته أقمصه من جلد وألبسهما " ( تك 3 : 20 ) 0
ومن أين أتت أقمصة الجلد ؟ لعلها أتت من ذبيحة ، سفك دمها لأخلهما ، وتغطيا بجلدها 0 وهنا بدأ الرمز العميق :

descriptionآدم و حواء و قايين و هابيل Emptyلخطية تعرى الإنسان وتخجله ، والذبيحة تغطيه وتستره ، بل وتطهره 00

more_horiz



الخطية تعرى الإنسان وتخجله ، والذبيحة تغطيه وتستره ، بل وتطهره 00
أنه معنى ربما يكونان قد عرفاه بسيطاً فى بادئ الأمر ، وأتى التعمق فيه على الزمن فيما بعد 0
بعد الخطية ، شعر آدم وحواء بالعرى ، وبالخزى ، فإستترا بأوراق التين 00 وماذا بعد ؟ لقد وقعا فى خطية أخرى كبيرة وهى :
" سمعا صوت الرب الإله ماشياً فى الجنة ، عند هبوب ريح النهار ، فإختباء آدم وإمراته من وجه الله فى وسط شجر الجنة " ( تك 3 : 8 )
أصبح هناك تباعد بينهما وبين الله 000 وجدت هوة فاصلة 00 لم يعودا يفرحان بالوجود فى حضرة الرب 0 فحالما سمعا صوته مقبلاً ، هربا من وجهة وأختفيا00
وصار الهروب من الله خطية موروثة فى نسل آدم وحواء 0 فما أن يقع الإنسان فى الخطية ، حتى يبدأ فى سلسلة من الهروب : يهرب من الصلاة ، لأنه يخجل من الكلام مع الله وهو فى الخطية ! ويهرب من الكنيسة ، ومن أب الاعتراف ، ومن الإجتماعات الروحية ، ومن الأصدقاء الروحيين ، إلى أن يقطع صلة له بالله 00!
ولعل الهروب من الله ، بالنسبة إلى آدم وحواء ، قد دفعت إليه خطية أخرى وهى الخوف 0
الخوف إن لم يكن خطية فى حد ذاته ، فعلى الأقل هو إنحدار فى المستوى ، إنحدار من مستوى الحب الإلهى الذى كانا يعيشان فيه 0 ويقول القديس ويوحنا الرسول " لا خوف فى المحبة ، بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج 0 لأن الخوف له عذاب 0 وأما من خاف ، فلم يتكمل فى المحبة " ( 1 يو 4 : 18 ) 0
وواضح من إجابة أبينا آدم أنه خائف 0 ولا نقصد المخافة التى تحمل مهابة الله ، وإنما الخوف بمعناه الحرفى ، الذى يدعو إلى الهرب والإختفاء 0 وفى هذا يقول للرب " سمعت صوتك فى الجنة فخشيت ، لأنى عريان فإختبأت " ( تك 3 : 10 ) 0
وبالنسبة إلى آدم وحواء ، لا نقول فقط إنهما نزلا من مستوى الحب ، بل عملا أعمالاً ضد محبة الله
* لا شك أن كسر الوصية كان عملاً ضد محبة الله 0 لأن الرب يقول " الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى " ( يو 14 : 21 ) 0 ويقول القديس يوحنا الحبيب " من قال قد عرفته ، وهو لا يحفظ وصاياه ، فهو كاذب وليس الحق فيه 0 وأما من حفظ كلمته ، فحقاً فى هذا قد تكملت محبة الله " ( 1يو 3 : 4 ) 0 إذن كسر الوصية ضد المحبة 0
* ورغبة آدم وحواء فى أن يصيرا " مثل الله " حسب إغراء الحية ، كان عملاً آخر ضد محبتهما لله
* وتصديق كلام الحية ، عكس كلام الله ، كان أيضاً عملاً ضد محبة أبوينا الأولين لله 0
* وفى مناقشتهما مع الله ، كانت الطريقة لا تتفق والمحبة 0
* وهروبهما من وجه الله ، إختفاؤهما ، كان عملاً رابعاً منهما ضد محبة الله 0
كذلك فى خوف أبوينا وأختبائهما ، وقعا فى خطية أخرى ، وهى عدم السعى للصلح مع الله 0
إنهما إنسانان قد كسرا وصية الله ، وأصبح محكوماً عليهما بالموت 0 فماذا فعلا للتخلص من حكم الموت هذا ؟ هل سعيا إلى الخلاص ؟ هل بذلا جهدهما لكى بصطلحا مع الله وولكى يعودا إلى علاقة الحب الأولى ؟ كلا 0
لقد شل الخوف تفكيرهما ، فلم يقوما بأى عمل من أجل نفسيهما الهالكتين ، إنما أسرعا بالإختفاء من وجه الله 0
وفى الإختفاء من وجه الله فى وسط الشجرة وقعا فى خطية أخرى وهى الجهل بالله وقدرته 00
إلى أين يهرب هذان المسكينات من وجه الرب ؟ وأين يختفيان ؟ لقد كان حفيدهما داود أكثر معرفة بالله حينما قال :
" أين أذهب من وجهك ؟ ومن وجهك أين أهرب ؟ إن صعدت إلى السموات فأنت هناك 0 وإن فرشت فى هاوية فها أنت 00" ( مز 139 : 7 : 8 ) 00 فما معنى الإختبار وسط الشجر إذن ؟!
هل الشجر يخفيهما عن عين الله الفاحصة الخفيات والظاهرات ؟ أم أنهما جهلا قدرة الله على كل شئ
حقاً إن الإنسان لما أكل من شجرة المعرفة صار جاهلاً ، لقد وعده الشيطان وعداً زائفاً لم يبربه 00
وفى المناقشة بين الله وأبوينا الأولين ، نرى فى أجابتهما عدداً كبيراً من الأخطاء ، منها
إن كان هذا الإنسان قد أكل من شجرة المعرفة ، وعرف الخير والشر ، فعلى الأقل أصبح يعرف أنه قد أخطأ 0
ولكن كلمة " أخطأت " لم يقلها آدم إطلاقاً ، ولم تقلها حواء 0
ولم يعترف أحد منهما بهذه الخطايا التى ذكرتاها ، و لا بشئ منها 0 لم يقم أحد منهما بإدانة نفسه ، ولم تكن لأى منهما حكمة القديس مقاريوس الكبير الذى قال : [ أحكم يا أخى على نفسك ، قبل أن يحكموا عليك ] 00
وياليتهما لم يدينا نفسيهما وصمتا ، بل أنهما وقعاً فى خطية أصعب ، وهى محاولة تبرير النفس
كل منهما حاول أن يبرر نفسه 0 حاول أن يوجد لنفسه عذراً يغطى به خطيته ، أو يقلل من الجرم الذى وقع فيه 0 ولم يقبل الله شيئاً من تبر يراتهما وأعذارهما ، لأن الخطية واضحة 0
أمام الله يستد كل فم 0 وإن تكلم الإنسان ، فإنما ليعترف ويدين نفسه ويطلب الرحمة ، وليس غير0 أما محاولة تبرير النفس ، فهى نوع من المكابرة والكبرياء0
وفى تبرير كل من آدم وحواء لنفسه ، وقع خطية أخرى وهى إلقاء التبعة على الآخرين 0
حواء ، تلقى التبعة على الحية متقول " الحية غرتنى فأكلت " 0 وآدم يلقى التبعة على حواء " المرأة أعطتنى فأكلت " 00
ولا يلقى أحد منهما بالتبعة على نفسه
ولم يكن إلقاء التبعة على الآخرين عذراء مقبولاً : فآدم كان يستطيع أن يرفض الأكل ، و لا يسمع لحواء ، بل كان يستطيع أن يوبخها ، بل أكثر من هذا كان يمكنه أن ينصحها ويمنعها قبل الوقوع فى الخطية 0
أما أن تقدم له من الثمرة فيأكل دون تفكير ، دون إمتناع ، ودون تذكر للوصية دون تذكر للعقوبة ، فهذا أمر لا تقبله أحد 0
وحواء بالمثل ، كانت تستطيع أن ترفض إغراء الحية 00 وحينما الق آدم بالتبعة على حواء ، إنما وقع ضمناً فى خطية أخرى ، تخدش المحبة التى بينهما 0
كما كسر آدم محبته لله ، كسر أيضاً محبته للقريب 0 والقريب الوحيد هنا كان حواء 0 إتهمها أمام الله ، وحملها تبعة سقوطه فى الخطية 0
وهكذا الق أول بذرة للخلافات الزوجية 0 ونشكر الله أن حواء لم ترد على آدم ، ولم على أن إتهام آدم لحواء ، كان يحمل خطية أخرى
ما كان يليق بأبينا آدم – الرجل الأول فى البشرية أن يختفى وراء إمرأة لكى ينجو ! يقدمها للإتهام ، ويحملها المسئوليه ، لكى يتبرر هو !
الأمر المثالى ، أن يتحمل أخطاءها ، وينسبها لنفسه ، كمسئول ، وينجيها من العقوبة ، ويتصدر الموقف ويتركها تختفى وراءه 0 ويحمل خطاياها ، كما حمل المسيح خطايا عروسه الكنيسة 00 لكن آدم فعل العكس0 لا أريد أن أعلق على الموقف بأكثر من هذا 00



وفى دفاع آدم عن نفسه بالقاء التبعة على المرأة ، فقد اللياقة اللازمة فى التحدث مع الله نفسه 00!
فلم يكتف بقولة " المرأة أعطتنى فأكلت " وإنما قال لله : " المرأة التى جعلتها معى ، هى أعطتنى "
كأنه بهذا بشرك الله فى المسئولية ، أو يجعل الله صاحب السبب فى سقوطه ، أنه أعطاه المرأة التى أعطته الثمرة 00! وكان تعبيراً غير لائق من جهة آداب الحديث مع الله 0 ولم يرد الله عليه 0
* * *
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد