سنقدم في هذا الفصل بعض الأمور الهامة التى تفيد فى دراسة كلمة الله.
شروط أساسية للدراسة
1-الولادة الثانية
إنها مسألة جوهرية، فالذي لم يولد من فوق لا يستطيع أن يتمتع بما في قلـب الله من أفكار، ولا ما فى كلمته من كنوز. وحتى إذا درسها فإنه لن يفهمها لأن « الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله » (1كو2: 14). لقد قال المسيح « الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة »، كما قال أيضاً « المولود من الروح هو روح » (يو6: 63، 3: 6)؛ ولذلك لا يفهم كلام الله سوى المولود من الروح، لأن الذين لهم طبيعة متشابهة هم الذين يفهمون بعضهم.
وأوضح مثال لذلك هم اليهود الذين يملكون التوراة لكنهم لا يفهمون منها شيئاً. قال الرب على لسان النبي هوشع معاتباً شعبه « أكتب له كثرة شرائعي، فهي تحسب أجنبية » (هو8: 12،انظر أيضا إش29: 11،12). ولا زال البرقع موضوعاً على قلبهم كما قال الرسول بولس في 2كورنثوس3: 14، « لكن عندما يرجع إلى الرب يُرفع البرقع » (ع16). وهو مبدأ صحيح دائما سواء لليهود أو لغيرهم.
إننا طبعاً نشجع الشخص الذي لم يولد ثانية على قراءة الكلمة لأن فيها سيلتقي بالمسيح المخلص. لكنه إلى أن يؤمن بالمسيح ويتخذه مخلصاً شخصياً له فإنه لن يفهم أعماق هذه الكلمة.
2- الرغبة الجادة
يقول الحكيم « الرخاوة لا تمسك صيداً » (أم 12: 27). وهذا الأمر إنما هو أكثر وضوحاً فى التعامل مع الأمور الإلهية. لهذا قال الحكيم أيضاً « يا ابني إن قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك. (ثم يضيف) إن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز، فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الله » (أم2: 1-6).
يطوّب المرنم فى المزمور الأول الرجل الذي « في ناموس الرب مسرته وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً » والكلمة "يلهج" تعنى يولع به و يلازمه. هذا ينبغي أن يكون موقفنا إزاء كلمة الله « بوصاياك ألهج» (مز119: 15 انظر أيضاً يش1: ، كما قال كاتب المزمور أيضاً « في طريق وصاياك أجرى » ( مز119: 32،60). وهو نفس ما حرّض المسيح مستمعيه عليه؛ لا أن يقرأوا الكتب المقدسة فحسب، بل قال لهم « فتشوا الكتب » (يو5: 39).
3- حياة التقوى والأمانة
لقد ذكر الرسول بولس أن الله يعلن أموره العجيبة للذين يحبونه (1كو2: 9،10) كما ذكـر المرنم أن « سر الرب لخائفيه » (مز25: 14). ولعلنا نلاحظ في الأناجيل أن الـرب لم يكن يشرح أسراره إلا لتلاميذه فقط، وأما للذين من خارج فكان يكلمهم دائماً بأمثال (مر4: 10،11).
والكتاب المقدس يعلمنا بكل وضوح أن الرب لا يعطينا نوراً جديداً في أموره ما لم نستفد أولاً من النور الذي وصل إلينا. قال الرب « إلى هذا أنظر إلى المسكين والمنسحق الروح والمرتعد من كلامي » (إش66: 2). لذلك فإنه يمكننا أن نقول إن الطاعة هي أعظم شارح للكتاب؛ فالذي يطيع سيفهم المزيد « فإن من له (أي يقبل ويفهم ويحفظ) سيُعطى ويزاد » (مت13: 12).